يوميّات النيل
٣٠ يوليو ٢٠٠٦
الحضارة الغربيّة: حضارة ميكلأنجلو، ونيتشي، وفان غوغ، وبيكاسو، وميرو، وماركس، والبيتلز، وموزار... ولكنّها أيضاً حضارت الهولوكوست، والحروب الصليبيّة، وحرب فيتنام، و١١ سبتمبر تشيلي، وكارثة هيروشيما، ووعد بلفور، والإنتداب، والإستعمار، وإبادة سكّان أميركا الأصليّين وإبادة طائر الدودو، وإستعباد سكّان أفريقيا ومجزرة قانا عام ١٩٩٦
واليوم أضافت "الحضارة" الغربّية على رصيدها قانا جديدة. مبروك
فقد قرأت اليوم الكلمة الأخيرة في ديوان الحضارة فإستنفذته، وفتحت سفر الحثالة. حثالة العالم. كمان مبروك
ففي غرفتي، وما زالت في أوتيل الكونراد على ضفاف النيل، تكلّمت شاشة الجزيرة لساعات. رايس صرّحت، وأولمرت طنّش، وشيراك إستنكر، وبوش تفركش ولحّود سبح، والسنيورة كبر وشاب وأصبح الشيخ الحكيم.
لم يسقطو أشلاء. دُفنو تحت الأنقاض.
يحمل رجل طفلة غطتها الغبائر وكسرت عضامها الرقيقة حيطان بيتها. بكى بيتها عليهاك بكى كما تبكي ملاك على قلب أخذه الشيطان. بكى بيتها ولم يبكي أباها، فخجلت دموعه من الفاجعة واختبأت وراء عينيه. إختبأت وجفّت وجفّت... وتحوّل الحزن إلى حقد كما يتحوّل الماء إلى غيوم. ويسألون... لماذا يكرهنا العرب؟
يسألون ويتسائلون لأنهم أطفال أنابيب لم يختبرو المخاض ولا معجزة الولادة.
يسألون لأنهم مضللون وأغبياء.
لم يتعرّض رجلاً أبيض غربي في يومٍ من الأيام لسياسة تفرقة عنصريّة؟ أو ربما واحد أضل طريقه في هارليم.
لكن سكان أميركا الأصليين تعرّضو للإبادة، وشعب أفريقيا للرقّ، والعرب لإسرائيل، وشعب الشرق الأوسط للصليبيين، والعالم بأجمعه للإستعمار والإنتداب، واليابان للتجارب النوويّة، وأفكر أن شعوب العالم متسامحة وقلبها كبير لأنها لا تكره الغرب بشكل كافي.